Pages

Monday, March 12, 2012

المجلس الأدبي - 1



الحمد لله
المجلس الادبي
المجلس  الأول       


ألا تسألان المرء ماذا يحاول  ؟

قال لبيد بن ربيعة العامري رضي الله عنه :

ألا تســــألانِ المرءَ مــــاذا يحـــاول   أنـحـبٌ فـيـُـقـضَى أم ضلالٌ وباطلُ
أرى الناسَ لا يدرون ما قدرُ أمْرهِمْ    بـــلــى كـلّ ُذي لبٍّ إلى الله واصلُ
ألا كــــل شيء مــا خـلا اللهَ باطـــلُ   وكــــل نـــعيــم لا مــحـــالة َزائـــلُ
وكــلّ ُأنــاسٍ سوف تـدخـلُ بينـهــم   دُوَيْـهـِيّـَـةٌ تــَـصْفـَـرّ ُمنها الأنـامـلُ
وكــل امــرئ يــوما سـيعلـم سعــيَهُ   إذا حُـصِّلَتْ عند الالـه المَـحــاصـلُ
إذا المـــرء أسْــرى ليــلة خال إنـَّـهُ    قضى عملا و المرء ما دام عامـلُ
فـقـــولا لـــه إن كـــان يقسـم أمـره   ألـَـمَّـا يـعــظـْك الدهــرُ أمُّك هابــلُ
فـإن أنت لم ينـفـعـْك علمُك فانتسبْ    لــعــلـــك تــهـديك القرونُ الأوائلُ
فـتعــلمَ أن لا أنـت مـــدركُ مامضى   و لا انت مـمـا تـَحْـذرُ النفسُ وائلُ
فــإن لم تجدْ من دون عدنـانَ والـدا   ولا مَـعـَـدٍّ فــلـْـتـَــزَعـْـك العــواذلُ
                                                     
أولا – ترجمة الشاعر:

هو لبيد بن ربيعة العامري ، صحابي جليل ، وشاعر من فحول الشعراء ، وفارس جواد حكيم ، كنيته أبو عقيل ،قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان من المؤلفة قلوبهم ، وحسن إسلامه . عمـَّر طويلا ، وقال الامام مالك : بلغني أنه عاش مائة و أربعين سنة ، وقيلأكثر من ذلك. 


وقال أكثر أهل العلم بالأخبار : إنه لم يقل شعرا منذ أسلم إلا بيتا أو بيتين
أحدها :

ماعاتب المـرءَ الكـريم َ كنفسِه   *   والمرء يُصْـلحه الجليس الصالحُ.



واستنشده عمر شعرا في الاسلام فأرسل إليه سورة البقرة في صحيفة ، وقيل إنه أجابه بقوله : ماكنت أقول شعرا بعد أن علمنى الله البقرة  وآل عمران ، فزاد عمر رضي الله عنه  في عطائه.


توفي رضي الله عنه في خلافة عثمان وقيل في أول خلافة معاوية رضي الله عنهم أجمعين.


ثانيا – مصادرالقصيدة و توثيقها :

مصدر القصيدة بهذه الألفاظ  كتاب شرح الشواهد الكبرى لبدر الدين العيني.

وذكر محقق الكتاب في الهامش أن القصيدة موجودة في ديوان لبيد و أن ابن قتيبة ذكرها فيكتابه : الشعر و الشعراء.

ثالثا – بحر القصيدة :

هو بحر الطويل ، ويعد من البحور التي أكثر منها العرب ووزنه :

فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن    /  فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن

رابعا – تفسير الغريب:

نـَحْـبٌ :  النـَّحـْبُ  الحاجة و الموتُ و النذرُ ، ويقال فلان قضى نحبهُ 
إذا قــُتل كأنه نذرأن لا يفر حتى يـُقـتـل ، وقد يعني أيضا  : قضى حاجته أيضا .

ألا : كلمة تنبيه.

 لا مــحـــالة : لابـُدَّ

 دُوَيْـهـِيّـَـةٌ : تصغير داهية وهي الأمر العظيم

 الأنـامـلُ : جمع أنـمَـاــة بتثليث الهمزة و الميم فيها تسع لغات ، وهي التي فيها الظـّـُفر.

 أسْــرى : السـّـُرى سير عامة الليل ، واشتهر المثل العربي : عند الصباح يحمد القوم السُّــرى أي يحمدون سيرهم طوال الليل لانهم بسببه نجوا وفروا من الهلكة.

يقال : سرى هو  و أسرى هو و أسرى به

 قـَضـَى : قضى عملا  أداه وأتمه

ألـَـمَّـا :  الهمزة للاستفهام و لما حرف جزم ، والفرق بينه وبين لما أنه يفيد النفي في الحاللكن ينتظر ثبوت الفعل في المستقبل ، مثل : ولما يدخل الايمان في قلوبكم : أي لم يدخل لكن ينتظر دخوله في المستقبل.

أمُّك هابــلُ : هــَبـِلـتْه أمهُ ثــكـلتـْهُ.

              وائلُ : وألَ   يئـِلُ فهو وائل  إذا التجأ إلى موضع ونجا.

 عدنـان و مَـعـَـد : من جدود العرب ، وعدنان أبو معد .
                    
فــلـْـتـَــزَعـْـك : وزَعَـه يزَعـُه منعه وكفه.

 العــواذلُ : عـذَلـَهُ أي لامه من باب ضرب و قتل .
والعواذل حوادث الدهر وزواجره.


خامسا  – موضوع القصيدة ومناسبتها:

موضوع القصيدة : الحكمة ، وعادة ما يكون في مثل هذا النوع من القصائد الاشارة الى نظرة الشاعر إلى الحياة و الناس وخلاصة تجربته في الحياة.


سادسا –  شرح معاني الأبيات :

 ألا تســــألانِ المرءَ مــــاذا يحـــاول    أنـحـبٌ فـيـُـقـضَى أم ضلالٌ وباطلُ

قيل في مثل هذا الاسلوب يخاطب صاحبيه ، وقد يكون المخاطب واحدا ، لكنه أجرى الخطاب مجرى الاثنين لأن العرب تفعل ذلك ، كقولهم :

فإن تـزجُراني يا بن عفانَ أنزجرْ  **  وإن ترْعـَياني أحْــِم عـِرْضا ممنـَّعا

وقيل مثله في قوله تعالى : ألقيــا في جهنم كل كفار عنيد.

والمعنى : السؤال عن سعي المرء في هذه الدنيا هل هو لحاجة أم هو سدى وضلال.

ثم يجيب فيقول:

أرى الناسَ لا يدرون ما قدرُ أمْرهِمْ     بـــلــى كـلّ ُذي لبٍّ إلى الله واصلُ

يقول : إن الناس لا يدرون الحكمة من خلقهم وحياتهم ، وهم لابد صائرون الى الله.

ألا كــــل شيء مــا خـلا اللهَ باطـــلُ    وكــــل نـــعيــم لا مــحـــالة َزائـــلُ

يقول : كل شيء في هذه الدنيا باطل زائل مضمحل إلا الله جل وعلا.

وكــلّ ُأنــاسٍ سوف تـدخـلُ بينـهــم     دُوَيْـهـِيّـَـةٌ تــَـصْفـَـرّ ُمنها الأنـامـلُ

والمعنى ان كل قوم سيفرق الموت جمعهم .

وكــل امــرئ يــوما سـيعلـم سعــيَهُ    إذا حُـصِّلَتْ عند الالـه المَـحــاصـلُ

وهو معنى قوله تعالى : فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره.


إذا المـــرء أسْــرى ليــلة خال إنـَّـهُ     قضى عملا و المرء ما دام عامـلُ


يقول : إن المرء إذا رجع ليلا من عمله يظن أنه قد ادى ما عليه و الحقيقة أن المرء عاملفي كل لحظة من حياته إما خيرا وإما شرا يلقاه بعد موته.

فـقـــولا لـــه إن كـــان يقسـم أمـره     ألـَـمَّـا يـعــظـْك الدهــرُ أمُّك هابــلُ

يقول : قولا لهذا الانسان إن كان يزعم أن أمره بيده : ثكلتك امك ، ألم تجد في الدهر واعظايعظك بقوارعه ومصائبه التي لم تجد لها مدفعا وكنت امامها كالقشة يجرفها السيل فلم تملك
لنفسها شيئا.


فـإن أنت لم ينـفـعـْك علمُك فانتسبْ     لــعــلـــك تــهـديك القرونُ الأوائلُ

يقول : إن لم ينفعك عقلك وعلمك لإدراك هذه الامور فاتبع القرون الاولى  قبلك رجاء الهداية.


فـتعــلمَ أن لا أنـت مـــدركُ مامضى     و لا انت مـمـا تـَحْـذرُ النفسُ وائلُ

وبانتسابك اليهم تعلم من أقوالهم أنك لن تدرك ما فاتك و لن تجد موئلا أو ملجأ مما سيأتيك

فــإن لم تجدْ من دون عدنـانَ والـدا     ولا مَـعـَـدٍّ فــلـْـتـَــزَعـْـك العــواذلُ

يقول : إن لم يكن لك نسب إلى عدنان او معد من أكابر العرب ، فلتردعك مصائب الدهر
التي تصيبك في كل مرة فإن فيها لواعظا لو تأملت .


سابعا- شواهد في غريب القرآن أو الحديث أو الآثار

من الشواهد  اللغوية قوله :

أنـَحـبٌ فـيـُـقـضَى أم ضلالٌ وباطلُ
وذلك في قوله تعالى : فمنهم من قضى نحبه أي نذره الذي نذره بالثبات في قتال الاعداء الى ان
يهلك.


ومن الشواهد اللغوية قوله :

إذا المـــرء أسْــرى ليــلة خال إنـَّـهُ       قضى عملا و المرء ما دام عامـلُ

فدل قوله أسرى ليلة  على أن  : أسرى هو سير الليل.

قال تعالى : أسرى بعبده.


وفيه شاهد أيضا على قضى بمعنى أدى و أتم

قال تعالى : فإذا قضيتم مناسككم .

ومن الشواهد اللغوية قوله :

و لا انت مـمـا تـَحْـذرُ النفسُ وائلُ

ووائل بمعنى ناج ، و الموئل المنجا و الملجأ

قال تعالى : ولم يجدوا من دونه موئلا.


ومن الشواهد اللغوية قوله :

ولا مَـعـَـدٍّ فــلـْـتـَــزَعـْـك العــواذلُ

أي فلتمنعك و لتحبسك ، من وزع يزع.
قال تعالى : وحشر لسليمان جنوده من الجن و الانس فهم يوزعون.
ومن الشواهد اللغوية قول النبي صلى الله عليه وسلم :

أصدق كلمة قالها شاعر : ألا كل شيء ما خلا الله باطلُ.

فسمى الجملة من الكلام كلمة ، ومثلها كلمة التوحيد ، وكلمتان خفيفتان على اللسان.



ثامنا – شواهد نحوية في القصيدة :


 من الشواهد النحوية قوله :

ألـَـمَّـا يـعــظـْك الدهــرُ أمُّك هابــلُ

فهو شاهد على الجزم بلمــَّا  لأن الفعل بعدها مجزوم .


ومن الشواهد النحوية :

فـإن أنت لم ينـفـعـْك علمُك فانتسبْ     لــعــلـــك تــهـديك القرونُ الأوائلُ

فـتعــلــمَ ................................          ........................................

فقوله انتسب فعل  أمر، ثم جاء بعده بفاء السببية فنصب المضارع قائلا فتعلمَ

وقد رأينا أن الفعل المضارع يكون منصوبا بأن مضمرة وجوبا بعد فاء السببية إذا كان السياق: نفيا أو طلبا .


ومن الشواهد أيضا منع الصرف من  العلم المنتهي بالألف و النون في قوله :

فــإن لم تجدْ من دون عدنـانَ والـدا       ....................................

/ انتهى.




2 comments: